
“ريف سيتي 24”
هشام عطوش الخبير الاقتصادي أكد أنه غابت عنها الوطنية لعدم تدخلها لتخفيف الأزمة
في الوقت الذي تكبدت فيه شركات كبرى خسائر مالية فادحة، بسبب تداعيات جائحة كورونا، منها التي أعلنت إفلاسها وأخرى قررت التوقف مؤقتا عن نشاطها التجاري، استفادت البنوك من ظروف الجائحة وحققت أرباحا مالية كبيرة، والأمر نفسه ينطبق على الشركات المتخصصة في قطاع الاتصالات.
صحيح أن البنوك تعد شركات كبرى، إلا أن ما جعلها بعيدة عن منأى تداعيات كورونا، طبيعة نشاطها، وهو التمويل المالي، على نقيض الشركات التقليدية، التي تخضع سلعها لقانون العرض والطلب.
قبل تقديم تحليل لتفسير أسباب إفلاس الشركات وارتفاع أرباح البنوك خلال أزمة كورونا، انتقد هشام عطوش، الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد والتدبير بكلية الحقوق السويسي، جامعة محمد الخامس بالرباط، البنوك، إذ حسب قوله، غابت عنها الوطنية، ولم تتدخل من أجل التخفيف من آثار الجائحة.
ويوضح الخبير الاقتصادي، الذي يشغل أيضا منصب رئيس منتدى الاقتصاديين المغاربة، أن بنك المغرب، عمد إلى تخفيض سعر الفائدة الرئيسي، دون أن ينعكس ذلك على أسعار الفائدة لدى البنوك التجارية، ما جعلها أكبر رابح من الظرفية الحرجة، التي يمر منها المغرب، إذ استفادت من الأزمة بشكل مباشر، من خلال ارتفاع الطلب على القروض، وأيضا حفاظها على سعر الفائدة، رغم موقف بنك المغرب، ما حقق لها أرباحا إضافية كبيرة.
وبالعودة إلى الشركات التقليدية، حسب الخبير عطوش، فمنتوجاتها المتنوعة تخضع لقانون العرض والطلب، وخلال فترة الحجر الصحي، وجدت نفسها أمام ثلاثة مشاكل أساسية، وهي الطلب والتوريد والتمويل، وهو ما انعكس بشكل واضح على صيرورة الإنتاج، أو الخدمات المقدمة، كما الأمر في القطاع السياحي والفندقي.
وأكد الخبير أن هذه الهزات الاقتصادية، وقفت عليها المندوبية السامية للتخطيط، إذ حسب إحصاء لها في مارس الماضي، تم الكشف أن 60 في المائة من الشركات المغربية، إما أغلقت أبوابها أو تراجع رقم معاملاتها، ما كان له انعكاس كبير على المستوى الاجتماعي، خصوصا في ما يتعلق بالتشغيل.
أما سبب تحقيق البنوك أرباحا كبيرة رغم الأزمة، قال رئيس منتدى الاقتصاديين المغاربة، إن “سلعها” هي تمويل نقدي، وبحكم تراجع الادخار والقدرات التمويلية للمقاولات، والإكراه الذي تشهده المالية العمومية، أصبح الطلب عليها كبيرا من أجل الاقتراض، مشددا على أنه إذا كانت البنوك تحظى بإقبال كبير في الأيام العادية، فطبيعي أن يكون الطلب عليها مضاعفا في وقت الأزمة.
وأضاف أستاذ الاقتصاد، أن البنوك لها سلعة خاصة تمتد إلى الأسر والمقاولات والدولة والمقاولات العمومية، وكلما عانت أزمات، كان الضغط على التمويل أو القروض أكبر لضمان الاستمرار، ولتأكيد ذلك، يؤكد الخبير، أن أسرا عديدة فقدت مصدر عيشها بسبب الجائحة، فحسب لغة الأرقام، فإن مليون عامل توقف مؤقتا عن العمل خلال فترة الجائحة، وقدمت لهم الدولة مساعدات مالية، حددت في 2000 درهم، لم تكن كافية لتغطية المصاريف اليومية، خصوصا الذين كانت أجورهم تتجاوز 10 آلاف درهم، فأجبروا على الاقتراض من البنوك، سيما أن الاقتراض الحبي، الذي يتم بين الأصدقاء والأقارب، اختفى تماما خلال الجائحة.
ووصف الخبير تحقيق البنوك لأرباح كبيرة خلال الجائحة بالطبيعي، سيما إذا أضفنا إلى ذلك، مسألة مهمة، وهي أن الدولة لعبت دور الضامن، ما منحها فرصة للمخاطرة ومنح المزيد من القروض، رغم أنها لا تمنح القروض، من أجل سواد عيون زبنائها، بل مقابل فائدة، والظاهر، يؤكد المتحدث، أن البنوك والاتصالات أكبر الرابحين خلال الأزمة.